جاري التحميل...

كان في القاهرة يتقدم لامتحان الماجستير، ووصله من الوالدة يرحمها الله نبأ نجاحي في صفي فخط تلك الرسالة الرقيقة التي طالما أحببتها وافتخرت بها على أقراني:

(( أي بني سامر الحبيب ها هو ذا الفوز يبتسم لك ويضع على عنقك جوهرة النصر بالامتحان، وها هي زغاريد هذا النجاح تمرح في أذني فتسكب فيها أنغاما عذبة. أي بني ...سامر.. تذكر الحكمة الرائعة...كل إنسان ينجح، والمهم النجاح المتكرر...وكل إنسان يسير على الطريق ...المهم الوصول إلى نهاية الطريق....إن كان لي أن أريد منك، وهذا ما أرجو أن يكون...أن تسير حتى النهاية في طريق العلم، وأن تغترف حتى النهاية من منهله العذب، كل ما أرجو من الله أن يعطيني من العمر المديد حتى أساهم في بناء انسانيتك وشخصيتك، وحتى أرى انتصارك يتكرر ويتكرر حتى تتوج بعرسك الحقيقي كرجل بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى. وأخيراً تهاني بالنجاح......والدك ))

هذه الرسالة وجهها إلى ولديه وهو في القاهرة بأسلوب بسيط ومحبب:

(( هذه الرسالة إلى الطالب سامر زريق مرحبا بابا كيف حالك هل تدرس الحساب وخصوصا جدول الضرب وإذا كان ذلك فــ6*7 كم يساوي، لا تعذب أمك ولا تلعب بالشمس، وكل بندورة كثير وتفاح كثير، وخذ من أمك فوراً ثلثا فرنكات ولكت لا تشتري بوظة كثير. هذه الرسالة للحبيب عصام مرحباً عصومة هل تحب المبرومة، إن كنت تحبها فأنا سأشتري لك من الشام كثير عندما أحضر إليكم، لم تخبرني عن نتيجتك في المدرسة فهل نجحت وماذا كتبت عنك المعلمة، خذ فوراً ثلاث فرنكات من أمك )).

رسالة موجهة لابنه سامر وهو في كلية الشؤون الادارية بحلب مطلع عام 1986 في الفترة الأولى لالتحاقه بالخدمة العسكرية:

(( بسم الله الرحمن الرحيم...ولدنا الحبيب سامر أدامك الله لنا ذخرا وبعد:
مهما كانت المقاييس التي تقاس بها الجندية ومهما كانت الصعوبات التي تكتنفها وتحيط بها فهي - وكأمر خارج عن كل جدل – مدرسة يرضع منها المرء لبن الشهامة والكرامة والفروسية، أليست الفروسية بكل مقياس توازي الحق والخير والكرامة.
لقد كانت الجندية مصدر قوة الشعوب وكان إقرار هذه الجندية يمثل مرحلة من مراحل تطور الشعوب في نهضتها وتقدمها، ولا أغالي إذا قلت لك أن الجندية تتجه إلى ما هو ضروري وما هو ضروري فهو واجب، وقد قال الرسول الكريم: من لم يكن قويا في شبابه متعلما في الثلاثين غنيا في الخمسين، فلا بارك الله في شبابه وعلمه وغناه.
لعلي أستطيع القول أن العمر مراحل وسنين وقوانين، وقانون الشباب هو القوة والمتانة والصلابة، ومن لم يتغلب على الصعاب ليس رجلا، وإني اسمع قول الحكيم الألماني القائل: بورك بالخطر فهو الذي يخلقني، وبورك بالتحدي فهو الذي يحفذني، وبورك بالصعاب التي تحرك فيّ الهمم، وتفجر فيّ الطاقات، ألم يقل الشاعر العربي:
ومن لم يحب ركوب الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
لظروف خاصة عشت ناعما، وقد أثرت هذه النعومة على تكويني، وعلى مواقفي وعلى حياتي، وكم كنت أتمنى أن أعيش في القسوة، وأن تعركني الأيام، ألم يقل الفيلسوف تويني: إن التحدي هو الذي يخلق الشعوب.
ألم يسيطر اليهود على العالم لأنهم اضطهدوا، والخلاصة أنك أمام تجربة وقد قال الشاعر: على قدر أهل العزم تأتي العزائم، أرجو أن لا تفكر إلا في هذه المرحلة وتعطوها معناها ومضمونها وأبعادها.
لقد سطرت هذا الكتاب على عجل))