جاري التحميل...

Is it a coincidence or what ?!

The last thing he wrote, may God have mercy on him, and I found three papers in his pocket, which he brought from outside for the last time

أما آن لهذا الفارس أن يترجل

وبالطبع فهذا الخطاب قيل في معرض خصوصية حديثة من تاريخنا، قالته الأواهة المنيبة إلى الله أسماء بنت أبي بكر الصديق أمام جثة ابنها المصلوب عبد الله بن الزبير، أما نحن فنوظفه لخصوصية أخرى، لا تقل مرارة عن الأولى، هي ما يحيق بهذه الأمة من نكبات، وما يحيط بها من شدائد، وكأنني أمام لسان حال ابن ابي محلى (القرن 17م) يقول : (( قد طال ليل الكرب، فاض دمع الأسف، تعطلت قلائد الشكر، وأسود وجه الزمان ، وعم البلاء الأركان، ولا مغيث يرجوه الغريق، ولا حيلة لأحد من الخلق مع ما نزل بهم من البؤس)).

أجل ما فتئنا بأكل لحم بعضنا البعض

ولو كان اللحم ميتا حتى لقد انجرم اللحم عن العظم، فسوغنا فعلتنا تحت يافطة تخرصات الإيديولوجيا، ناسين فضيلة وحكمة الإيمان والتوحيد، معقد هذه الأمة وعزتها، قال الدكتور محمد عمارة: ((إذا كان الدين المسيحي عرف بالمحبة، فالإسلام هو دين التوحيد في كل مظهر من مظاهر الحياة والكون )).
يقول المرحوم سيد قطب: (( هذه الوحدة المتكاملة في وجود سائر أجزاء الكون ، من حيث هو صادر عن الإرادة المطلقة المباشرة لله، فهذه الوحدة لا تفرض التناسق والتعاون بين أجزاء الكون المادية فحسب، وإنما بين أفراد الإنسان أيضا وبحيث يصبح الأصل في الوجود الاجتماعي، هو التعاون والتكامل بين الجميع، والقول أن الإسلام دين التوحيد لا يعني توحيد الله وتوحيد الأديان في دين الله فحسب، وإنما يعني أيضا الوحدة بين القوى الكونية جميعا، والوحدة بين العبادة والمعاملة، وبين العقيدة والسلوك، بين الروحيات والماديات، وبين القيم الاقتصادية والقيم المعنوية )).
[1] - عبد المجيد الصغير: الفكر الأصولي، وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام، بيروت دار المنتخب العربي، 1994 ص309.
[2] - عرض هذا النص الدكتور فهمي جدعان: أسس التقدم عن مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ط1،1979 ص517.

فما بالنا بهذه الترهات تعركنا عرك الرحى بسفالها

وقد أصبح سيفنا منثلم وجرحنا غير منكلم وكرامتنا وسؤددنا منحطم، وشملنا منفصم؟، وما شأننا، وقد أصبح منزلي تحيط به الجدران والأسوار من كل جانب، وقد أوصدت وسدت نوافذه أمام كل نسيم والرياح تعصف بنا حتى تكاد تقتلع الأقدام.
قال تعالى: (( فليتنافس المتنافسون ))، ولم يقل (( فليتصارع المتصارعون ))، وظروفنا أدهى وأمر وأقسى من أن نتحمل مصيرين ويستظلنا سقفين، ألم يعالج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الإشكالية بحديثه عن (( سفينة النجاة ))، حيث أخذ كل فرد موضعه في تلك السفينة، وهنا معنى الرسول الكريم متسائلا هل يجوز أن يخرق كل فرد في موضعه بما يترتب على ذلك من نتائج وآثار هي غرق السفينة بالجميع.
لقد أسس سبحانه وتعالى جوهر الاجتماع على توطيد الأمن ثم الرزق بالثمرات، وليس عبثاً أن يتقدم مطلب الأمن في ترتيب الآية الكريمة على الرزق بالثمرات قال تعالى: (( اللهم اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله بالثمرات )).
قال سيدنا علي (كرم الله وجهه): (( لا بد للناس من إمارة، برة كانت أم فاجرة ))، فقيل يا أمير المؤمنين: (( هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة ))، فقال: (( تقام بها الحدود وتأمن السبل ويجاهد بها العدو ويقسم بها الفيء)).

ومقابل هذه الحصانة للسلطان، فالمنفعة نفسها للأمة في توازن مبدع عجيب إذا ما أعتدى الحاكم على حقوق الأمة، وفي ذلك دلل المرحوم ابن باديس:
1. حق الأمة في مراقبة أولي الأمر لأنها مصدر سلطتهم، وصاحبة النظر في ولايتهم وعزلهم.
2. حق الوالي على الأمة فيما تبذله من عون إذا رأت استقامته، فيجب عليها أن تتضامن معه وتؤيده، إذاً هي شريكة معه في المسؤولية .

أجل لقد تحدث فقهاؤنا عن حق الأمة في دفاعها الشرعي في حال اعتداء الحاكم على حقوقها وحقها في الخروج عليه، وكيفوا ووصفوا ذلك (بالكفر المباح)، وبنوا على ذلك اسقاط حقوقه كحاكم ثم اسقاطه والحرب عليه، إذا تمادى في غيه ، ومظهر هذا الكفر المباح في نظرنا وراهنية عصرنا، الاعتداء الجلي والبين والفاضح والجسيم.
صحيح أنه لا يجوز لجيل أن يفرض إرادته على جيل آخر، ولكن الأمة وحدة كلية عضوية مستمرة، وبالتالي فلا يحق لجيل معاصر أن يفرض إرادته، ويعتدي على جيل (معتل)، وذلك من خلال تصرفاته التي تمتد بآثارها على الزمان والمكان، المكان بحضوره والزمان بقدومه، فهل من مستبصر، ولعمري هل من مدكر؟؟.

الدكتور برهان زريق

[3] - انظر رسم ابن باديس للنظام السياسي في الإسلام, رد فيها أصول الولاية في هذا النظام إلى ثلاثة عشر أصلا, استشفها من خطبة أبي بكر الصديق المشهورة لما بويع بالخلافة , آثار ابن باديس ج1,م2 ص 407 حتى 409.
[4] - الدكتور علي محمد جريشه: المشروعية الاسلامية العليا, رسالة دكتوراه جامعة القاهرة, ط1, 1976, الناشر مكتبة وهبه ص313.