هي مسألة حصانة الإنسان في الإسلام...وقصة الدكتور أبو زيد شغلت الراي العام المصري والعربي لفترة من الزمن ووصل الأمر إلى حد تهديده بالقتل وبصدور حكم قضائي بتطليقه من زوجته...فهل يستحق الرجل ما فعل به.
إذا كان موقف الدكتور طه حسين كلفه مركزاً أدبياً هو الرجوع عن الرأي، وبالمقابل إذا كان موقف الشيخ على عبد الرازق كلفه منصبه في الأزهر، فإن موقف الدكتور نصر أبو زيد كان أكثر إبهاظاً وأثقالاً وآلاماً لسبب بسيط هو أنها تتناول جوهر آدميته وكرامته وإنسانيته، أي تمس الأنسنة بشكل عام، والأنسنة هي لب أي مشروع نهضوي لأمتنا إضافة إلى كونها العاهة العضال التي يتهمنا الغرب بها وتماهينا جوهرياً بمآسيها.
إن قضية الدكتور أبي زيد ليست مسألة عارضة أو حدثاً طارئاً أو شأناً فردياً، بل هو حدث ينشأ من أجله وعلى أرضه صراع الأجيال، ولهذا السبب يجب اعتباره إشكالية لأنها مجموعة مترابطة من الأمور تنتظر حلاً عاماً لها.
على هذه الأرضية الرصينة لم أكن محامياً منافحاً عن تلك الفكرة أو تلك، وإنما تبصرت وتقصيت روح الظاهرة وعالجت القضية بضمير القاضي يحدوني في ذلك إيماني بأن الخير العام لهذه الأمة ليس خيراً لهذه الإيديولوجية أو تلك، وإنما هو مذهب الأمة في كافة تشكلاتها وتضاريسها، ذلك المذهب الذي يستشف المبادئ الضمنية لحياة أمتنا وهو مذهب الوعي بمستقبلها وحاضرها ومصيرها.